البحث العلمي والبحث التربوي
يعد البحث العلمي والبحث التربوي من أهم الأمور التي تشغل بال الطالب الذي يريد أن يكتب رسالة ماجستير أو دكتوراه في اختصاص معين.
ويتفق البحث العلمي مع البحث التربوي في تقديم معلومات مهمة تساهم في تطور البشرية، لكن يختلف معه في المجال، حيث أن البحث العلمي يقدم معلومات في كافة المجالات العلمية، بينما البحث التربوي يقدم هذه المعلومات في المجال التربوي، والذي يسعى لتطويره وللنهوض به.
ونظرا لأهمية البحث العلمي والبحث التربوي قررنا تخصيص هذا المقال من أجل التعريف بالبحث العلمي والبحث التربوي بشكل مفصل.
ما هو البحث العلمي ؟
البحث العلمي وهو عبارة عن البحث الذي يقوم به الباحث من أجل اكتشاف معلومات جديدة في أحد العلوم يساهم من خلالها في تقديم معلومات جديدة للبشرية.
أو هو البحث الذي يفسر الظواهر التي تحدث، ويبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى حدوثها.
ولقد عرف الإنسان البحث العلمي منذ العصور القديمة، ولقد تطور البحث العلمي، وأصبح له شكل موحد يجب على الباحث السير عليه.
وتختلف الأسباب التي تدفع الباحث للقيام بهذا البحث، فقد تكون أسباب قيام الباحث بالبحث العلمي ناتجة عن دوافع ذاتية كحب الباحث للاكتشاف، ورغبة منه في تطوير البشرية، أو بسبب رغبته في الحصول على الشهرة ولكي يخلد اسمه.
أو تكون الأسباب ناتجة عن دوافع موضوعية كوجود مشاكل تتطلب من الباحث إيجاد حلول لها، أو رغبة من الباحث في زيادة الدخل القومي، أو نتيجة شغفه بتفسير الظواهر الطبيعية، وتحليلها ومعرفة الأسباب التي أدت إلى حدوثها، وذلك لكي يقوم بالسيطرة على قوى الطبيعة.
ولقد تطور البحث العلمي عبر العصور، ولقد مر بعدد كبير من مراحل التطور حتى وصل إلى شكله الحالي الذي نعرفه عليه، وفيما يلي سوف نوضح مراحل تطور البحث العلمي:
- مرحلة الصدفة: وهي المرحلة الأولى من البحث العلمي، حيث كان الإنسان يعزو كافة الظواهر التي يراها إلى الصدفة المحضة دون أن يفكر في الأسباب والعلل التي أدت إلى حدوثها.
- مرحلة المحاولات حتى إيجاد الحل: وفي هذه المرحلة كان الإنسان يكرر المحاولات والتي يبحث من خلالها على حل للظاهرة، وكان يخفق كثيرا لكنه يستمر في المحاولة حتى يجد الحل، ومن خلال هذه الطريقة استطاع الباحث تكوين مجموعة من القواعد العامة التي اعتمد عليها فيما بعد في تطوير البحث العلمي.
- مرحلة الاعتماد على السلطة والدين: في هذه المرحلة كان الإنسان يتبع آراء القادة وأفعالهم، وأصحاب السلطة الدينية، وحتى لو كانت هذه الآراء خاطئة لكن في تلك الفترة كان من اللازم على الباحث اتباعها.
- مرحلة الجدل والحوار: وفي هذه المرحلة بدأ العلماء يثورون على السلطة والحكام، ويرفضون الآراء التي تخالف العقل، وكانوا يعتمدون على العقل في تفسير الظواهر، وكان يتناقشون في أسباب حدوث الظاهرة، ويتبعون المنطق.
- مرحلة الطريقة العلمية: وقد شاعت هذه الطريقة أولا في العلوم الطبيعية ومن ثم انتقلت إلى العلوم الإنسانية، وكان خلالها يقوم العلماء بوضع الفرضيات ومن ثم يقومون بجمع البيانات وذلك لكي يصلوا إلى نتائج تؤيد أو تنفي تلك الفرضيات.
ولكي يكون البحث العلمي بحثا ناجحا يوجد هناك مجموعة من المتطلبات والتي يجب أن تتحقق، ومن أبرز هذه المتطلبات:
وجود العناصر البشرية المبدعة والقادرة على القيام بالأبحاث العلمية التي تساهم في تطور العلوم.
يجب أن يتوفر للباحث الدعم المادي للبحث العلمي الذي يقوم به، فهناك العديد من الأبحاث العلمية التي تكون تكلفتها المادية كبيرة للغاية.
كما يجب أن يتم توفير التسهيلات اللازمة لدعم الباحث العلمي، وتوفير الكادر البشري الذي يعمل على مساعدته على القيام بالبحث العلمي.
وللبحث العلمي عدد كبير من المناهج ويختص كل منهج منها بمجال معين من العلوم، ويجب أن يختار الباحث المنهج العلمي الذي يتناسب مع بحثه العلمي، ومن أبرز مناهج البحث العلمي، المنهج الوصفي، المنهج التاريخ، المنهج التكاملي، المنهج التجريبي، المنهج الاستقرائي، وغيرها من المناهج.
ولكي يكون البحث العلمي ناجحا يجب أن يطلع الباحث على مناهجه وأدوات دراسته ويختار الأفضل، ومن ثم يقوم بكتابته وفق الأسس الموضوعة في الجامعات العالمية، وبذلك يكون حصل على بحث علمي ناجح.
ما هو البحث التربوي؟
البحث التربوي وهو أحد أجزاء البحث العلمي وهو عبارة عن دراسة دقيقة ومنظمة يتمكن الباحث من خلالها من توضيح مشكلة ترتبط بمجال التربية والتعليم، ومن ثم يقوم بإيجاد حلول لها، ويوفر البحث التربوي مجموعة من الطرق والأساليب والتي من خلالها يقوم المربون بإكمال العملية التربوية على أكمل وجه.
وتعد بيئة الطالب المجال الذي يرغب البحث التربوي في دراسته، حيث يسعى لأن يجعل بيئة الطالب متوافقة ومتناسبة معه.
ولقد شهد البحث التربوي تطورا ملحوظا في القرن الماضي، حيث تم وضع العديد من الأدوات التعليمية والتي ساهمت في تسهيل وتبسيط العملية التربوية.
وللبحث التربوي مجموعة من الأنماط، وتتنوع هذه الأنماط بحسب مجموعة من المعايير، ومن أبرز أنماط البحث التربوي:
بحث تربوي وفق الهدف: ومن خلال هذا البحث يتم تأكيد نظريات في مجال التربية أو وضع نظريات جديدة، الأمر الذي يساهم في دفع العملية التربوية نحو الأمام.
بحث تربوي وفق المنهج: وتشمل الأبحاث التاريخية، والتي تهدف إلى دراسة الماضي، والتوصل إلى استنتاجات تساعد الباحث على فهم الأحداث الحالية، مع إتاحة الفرصة للباحث لكي للتنبؤ بالأحداث التي من الممكن أن تحدث في المستقبل.
بحث تربوي وفق اتجاه البحث: وهي البحوث التي يتم إجراؤها من أجل نيل درجة علمية أو هي البحوث المهنية والتي يعدها أعضاء الهيئة التدريسية.
بحث تربوي وفق عامل الزمن: وهي البحوث التي يقوم الباحث من خلالها بدراسة أبحاث الآخرين، وتحليل هذه البحوث وتوجيهها إلى وجهة معينة، كما أنها تشمل بحوث الحاضر والتي تهدف إلى تطور الواقع التربوي بالمنهجية المناسبة كالدراسات المسحية وبحوث المستقبل.
بحث تربوي وفق المدخل: ويشمل هذا البحث البحوث التي لها مدخل واحد، والتي تهتم بدراسة المشكلة التربوية، وتدرس هذه المشكلة من خلال أبعاد مختلفة.
بحوث تربوية وفق القائمين عليها: وهي عبارة عن بحوث فردية يقوم بها فرد باحث، أو بحوث جماعية ويتشارك على القيام بها مجموعة من الباحثين.
وللبحث التربوي مجموعة من الأهداف ومن أبرز أهداف البحث التربوي:
اكتشاف معلومات جديدة تساهم في زيادة فهم الأبعاد المختلفة لعملية التعليم، ومن خلالها نأخذ الطرق التي تطور العلمية التعليمية وتدفعها نجو الأمام.
من خلال البحث التربوي يتم التعرف على نقاط القوة والضعف في الأبحاث التربوية، وبالتالي العمل على تعزيز تطوير نقاط القوة وتعزيز نقاط الضعف.
المساهمة في تطوير الأنظمة التربوية، ورفع كفاءتها بشكل كبير.
تساعد المعلم على معرفة الطرق المفيدة والتي يجب عليه أن يقوم باستخدامها خلال الدروس التي يعطيها لطلابه.
يساهم البحث التربوي في تطوير الجوانب النوعية والكمية للمخرجات التعليمية.
وهكذا نرى أن البحث التربوي جزءا من البحث العلمي، ومن خلال البحث العلمي والبحث التربوي يقوم الباحث في تطوير العلوم ودفعها نحو الأمام.
وفي الختام نرجو أن نكون وفقنا في تقديم معلومات مفيدة وضحنا من خلالها مفهوم البحث العلمي والبحث التربوي.