تم التحرير بتاريخ : 2020/08/10
يعرف البحث التجريبي بأنه أحد أهم أنواع البحوث وأدقها، وأكثر أنواع البحوث علمية، حيث أن وجوده لا يقتصر على سرد تاريخ حادثة معينة جرت وانتهت في الزمن الماضي، كما أنه لا يقتصر على وصف الظواهر التي تتناولها الظواهر كعادة البحوث الوصفية، إنما يحدث هذا البحث إلى دراسة الأسباب التي تكمن وراء الظواهر والتوصل إلى مجموعة من النتائج التي من الممكن أن يعتمد عليها في التنبؤ بالأحداث التي سوف تجري في المستقبل.
ومن الممكن أن يتم شرح الأساس الذي يقوم عليه البحث التجريبي بكل بساطة، ففي حال كان هناك موقفان متشابهان في كافة النواحي، ومن ثم تم إضافة عنصر ما إلى واحد من الموقفين دون الآخر، فإن أي تغير أو اختلاف يظهر بعد ذلك بين الموقفين يعتبر بسبب وجود العنصر الإضافي.
ونفس هذه الحالة تعتمد في حال تم حذف عنصر من أحد الموقفين والإبقاء على الآخر، فإن أي تغير يظهر سيكون بسبب العنصر المحذوف.
ويطلق على العنصر المضاف والعنصر المحذوف اسم المتغير المستقل، أم التغير الذي يحدث في الحالتين يسمى المتغير الثابت.
ومن الممكن أن نعطي مثالا نوضح من خلاله المثال السابق، فلو أراد الباحث أن يدرس سماع الموسيقى خلال العمل والأثر الذي يتركه على العمل فإنه يقوم باختيار مجموعتين من العمال، ويضع لهما نفس الظروف، ومن ثم يضع الموسيقى لإحدى المجموعتين خلال العمل، ويترك المجموعة الأخرى تعمل دون وجود موسيقى، ويكرر العملية لعدة مرات خلال عدة أيام، ومن ثم يقوم بعقد المقارنات ما بين المجموعتين، فإن أي فرق يظهر بين المجموعتين من الممكن أن يتم نسبه إلى الموسيقى.
يوجد هناك عدد من المفاهيم التي ترتبط وتتعلق بشكل رئيسي بالمنهج التجريبي، وفيما يلي سوف نتعرف على أهم هذه المفاهيم.
العامل المستقل ( المتغير المستقل): ويعرف هذا التغيير بأنه العامل الذي يريد أن نقيس مدى تأثيره على الموقف، ويدعى بالمتغير التجريبي والذي نريد أن نقيس الأثر الذي يتركه في المتغير التابع، والعامل الذي نريد أن نقيس مدى تأثيره في الموقف.
العامل التابع ( المتغير التابع) : وهو العامل الذي ينتج عن المتغير المستقل، والعامل الذي ينتج عن تأثير العامل المستقل.
المجموعة الضابطة: وهي المجموعة التي لم تتعرض لأي تأثير من المتغير التجريبي الجديد، وظلت تحت تأثير المتغير الطبيعي، وتكمن أهمية البحث في تلك المجموعة وذلك لأنها الأساس الذي يطلق من خلالها الحكم على مدى الفائدة الناتجة عن تطبيق المتغير التجريبي.
والمجموعة التي لا تتعرض للمتغير التجريبي، وتظل تحت تأثير المتغير الطبيعي أو الاعتيادي وتبقى ظروف المجموعتين متساوية باستثناء المتغير المستقل للمجموعة التجريبية، والمتغير الطبيعي للمجموعة الضابطة، وتقوم هذه المجموعة بتقديم فائدة كبيرة جدا للباحث، حيث تكون الفروقات ما بين المجموعتين التجريبية والضابطة عن المتغير التجريبي الذي تعرضت له المجموعة التجريبية فهي أساس الحكم ومعرفة النتيجة.
المجموعة التجريبية: وهي المجموعة التي تعرضت للمتغير التجريبي الجديد، وذلك من أجل أن يتم معرفة أثر المتغير التجريبي فيها، وهي المجموعة التي تتعرض للمتغير التجريبي أو المستقل وذلك من أجل معرفة تأثير هذا المتغير فيها، وهي المجموعة التي تتعرض للتغيير التدريجي أو المتغير المستقل وذلك من أجل معرفة تأثير هذا المتغير فيها، ومثال عن ذلك أراد باحث أن يقوم بمعرفة الأثر الذي يتركه تدريس الرياضيات على باستخدام الحاسوب ( متغير مستقل) في تحصيل الطلبة (متغير تابع) فقام باختيار شعبتين إحداهما درست باستخدام الحاسوب، وأخرى درست بالطريقة التقليدية، وفي النهاية قام الباحث بالمقارنة بين النتائج لتحديد الفروقات التي تركها تعليم الرياضيات باستخدام الحاسوب.
يوجد هناك مجموعة من الصعوبات التي تمنع الإنسان من تطبيق المنهج التجريبي ومن هذه الصعوبات:
صعوبة تحقيق الضبط التجريبي في المواضيع والمواقف الاجتماعية، وذلك بسبب طبيعة الإنسان المتميزة والذي يشكل المحور الأساسي في هذه الدراسة الاجتماعية والتي تنعكس في إرادة الإنسان وقدرته على تغيير أنماط سلوكه بشكل يؤثر على التجربة وعلى نتائج هذه التجربة، كما أن الإنسان قد يتصنع في حال عرف أنه محور التجربة.
عدم القدرة على إجراء التجارب على جسم الإنسان، وذلك لأن التجريب المبني على الشك والذي تتساوى فيه كفتا النجاح والفشل ممنوع، وذلك من أجل عدم تعريض الإنسان للخطر.
إن إجراء علمية التجريب على الإنسان أمر يشبه المستحيل، فهناك صعوبة كبيرة في ففكرة اصطناع الإنسان لشروط التجريب، وذلك نظرا للإهدار الأدبي للحقوق الإنسانية، فعلى سبيل المثال في حال أردنا أن نعرف تأثير التفكك الأسري على الأطفال بطريقة تجريبية فمن غير المنطقي أن نأخذ عينة من الأطفال السويين ونقوم بتفكيك أسرهم من أجل إنجاح التجربة.
عدم التشابه التام في عدد من المجتمعات الإنسانية المراد تطبيق التجربة عليها، في حال تم مقارنتها بالتشابه الموجود في المجالات الطبيعية.
يعد بعض الباحثين أن الموقف التجريبي هو متغير ثالث تتم إضافته إلى المتغيرين السابقين، والذي يسعى الباحث لإيجاد العلاقة المشتركة بينهما.
التعرف على المشكلة وتحديدها: يعد التعرف على المشكلة وتحديدها أولى خطوات المنهج التجريبي، حيث يقوم الباحث بتحديد مشكلة معينة ومن ثم يقوم بتحليلها تحليلا منطقيا دقيقا، ومن ثم يقوم بتحديد جوانب الغموض والأسئلة المطروحة التي تحتاج إلى إجابات وذلك من خلال طرح المشكلة بشكل علمي مبني على مكوناتها وأركانها، ومن ثم يقوم الباحث بالتطرق إلى العوامل التي أدت إلى حدوث هذه المشكلة.
صياغة الفروض واستنباط نتائجها: تعد صياغة الفروض واستنباط نتائجها من أهم الأمور التي يجب على الباحث القيام بها، وتعرف الفروض بأنها الأفكار التي تدور حول الموضوع الذي يبحثه الباحث، وتظهر هذه الفروض على شكل أسئلة تتحدى تفكيره فيقوم باختبارها من أجل التحقق من صحتها.
وضع تصميم تجريبي: بعد ذلك يجب أن يقوم الباحث بوضع تصميم تجريبي، ويجب أن يتضمن هذا التصميم جميع النتائج والشروط ويستلزم هذا التصميم اختيار العينة وتصنيفها إلى عدة مجموعات وذلك من أجل ضمان تجانس المجموعتين الضابطة والتجريبية، بالإضافة إلى ضبط العوامل الغير تجريبية، وإجراء اختبارات استطلاعية لإكمال نواحي القصور في الوسائل أو التصميم التجريبي، ومن ثم تحديد مكان إجراء التجربة ودقتها ومدة استغراقها، ومن ثم إجراس التجربة، وبعد ذلك تأتي مرحلة تنظيم البيانات الخام واختصارها بدلالة تؤدي إلى أفضل تقدير غير متميز للأثر الذي يفترض وجودها، ومن ثم يتم تطبيق اختبار دلالة مناسب وذلك من أجل تحديد مدى الثقة في نتائج الدراسة .
وهكذا نرى أن للمنهج التجريبي أهمية كبيرة، فمن خلاله يتم القيام بعدد كبير من الأبحاث والدراسات المميزة، والتوصل لعدد كبير من الاكتشافات في المجال العلمي.
وفي الختام نرجو أن نكون نجحنا في تقديم إجابة عن السؤال الذي قمنا بطرحه وهو ما هو البحث التجريبي؟ .
تنسيق الرسائل العلمية